الخميس

أسلوب فض المنازعات

تعتبر الوسائل السلمية هى أفضل الطرق لفض المنازعات,وقد يتدخل المجتمع الدولي في هذه النزاعات إذا رأى أنها تهدد السلم  والأمن الدوليين عن طريق المنظمة الأممية ووكالاتها العدلية الأخرى ,فقد تكلف إحدي المنظمات أو الوكالات العالمية بمراقبة تنفيذ الإتفاقيات التى تعقد بين الأطراف المتنازعة وتتخذ الإجراءات التى يمكن بواسطتها إعادة الأمور إلي طبيعتها...........

وأكثر الوسائل السلمية المستخدمة لفض المنازعات هما الوساطة والتحكيم, أما أكثر الأساليب والطرق التي يلجأ إليها الطرفين أو أحدهما لفض النزاع هي:
أسلوب القوة. وهو الأسلوب الذي يلجأ إليه في القضايا التي لا يوجد فيها تكافؤ للقوى بين الأطراف المتنازعة, حيث يفرض فيها الطرف الأقوى معنوياً أو مادياً  رأيه وأسلوبه الذي يختاره في معالجة المشكل, وبالطبع هذا الأسلوب سيزيد من تأزم الوضع كونه أسلوباً قهرياً, وسيدفع بالطرف المغلوب هو الآخر إلى إعتماد طرف أقوى, وهكذا يستمر النزاع ويطول.
أسلوب القانون. فيه يلجأ فيه أحد الطرفين أو كلاهما إلى العدالة وربما بتحريض من أطراف خارجية ليس لها أي علاقة بالنزاع, كما يجب أن نشير هنا إلى أنه يمكن أن يكون تحريض هذا الطرف بحسن نية وهو المفترض في الحالات العادية, كما قد يكون بسوء نية ينشد المحرض من ورائها مصلحة ما كما يحدث في العديد من القضايا وهناك أمثلة حية بهذا الصدد وقضايا كثيرة خاصة في الوقت الراهن, حيث تساهم جهات معروفة في زيادة الأزمة, وليس ما يجري فى دارفور ببعيد عن ذلك.

الوسائل الإختيارية لفض النزاعات

عندما يقع نزاع من أي نوع كان بين أفراد أو جماعات أو بين الدول فإن مطلب كل فرقاء النزاع هو تسوية هذا النزاع من أقصر الطرق وأكثرها إيجابية وبأقل الجهد والوقت, وبأقل كلفة ممكنة.‏ تجاه تحقيق هذا المطلب فهنالك طرق متسلسلة يجب إتباعها , في الإمكان الإستفادة من هذه الطرق والوسائل الإختيارية لحل أكثر المنازعات القائمة,تشمل هذه الطرق ما يلي:
التثمين أو التقييم .(EVALUATIONS), ويتم فى هذه المرحلة تقييم النزاع ومعرفة مدى حجمه وتأثيره على منطقة النزاع والإقليم أو المناطق المجاورة, ليتثنى للمجتمع الدولي تقدير الإحتياجات اللازمة للتعامل مع هذا النزاع. قد يتم الاتفاق بين الطرفين المتنازعين على تكليف خبير محايد مستقل لإعطاء رأيه في موضوع النزاع الناشب بينهما, وتقييم مطالب كل طرف.عادة ما يكون التثمين إختيارياً ولا يكون إلزامياً, إلا إذا جرى بإتفاق خطي مسبق نص على الإلتزام برأي الخبير.

المفاوضات. (NEGOTIATION) قد تجرى فى هذه الحالة مفاوضات مباشرة بين الطرفين المتنازعين , وقد تثمر هذه المفاوضات عن هدنة أو وقف للقتال لدواعي إنسانية دون تدخل طرف ثالث. قد تكون المفاوضة الحل الميسر والأقصر لتسوية أعقد النزاعات والخلافات على إختلاف أنواعها.‏


 الوساطة. (MEDIATION) وهى المرحلة التى يحاول المجتمع الدولي   التدخل لفض هذا النزاع , وقد تقوم شخصيات مقبولة للطرفين بمحاولة تقريب وجهـــات النظر ونقاط الخــلاف بقصد التوصــل إلى تســوية النزاع إختيارياً.والوساطة أصلاً مؤسسة على مبادئ التفاوض وهي من وسائل حل النزاعات بطريقة سريعة, بهدف التوصل إلى تسوية حاسمة تؤكد على حماية مصالح الطرفين, وهي إختيارية لأنها تستلزم حواراً مفتوحاً. للوساطة ميزة أخرى وهي أنه عندما يسوى النزاع ويحسم نهائياً بمساعدة الوسيط فإن طرفي الخصومة يظلان على حالتهم الطبيعية من الرضا والاطمئنان, ومن المحتمل جداً أن تستمر العلاقات بينهما وكأن شيئاً لم يحدث, وذلك بفضل الوسيط الذي ساعدهما على التركيز على مصالحهما المشتركة. في الوساطة يركز الفرقاء جميعاً بمساعدة الوسيط على القضايا الجوهرية, حيث يحاولون معاً أن يجدوا حلاً عملياً لنزاعهم ومشكلتهم المشتركة,وبهذا تكون الوساطة قد قدمت حلاً عملياً من شأنه تحقيق التسوية المنشودة من قبل الطرفين بنيت على قناعتهما وإرادتهما المشتركة,وهو ما يجعل الحل معه أكثر قبولاً ودواماً من تقريره من قبل طرف ثالث,المحكم أو المحكمة.‏



التحكيم. (ARBITRATION) هو إتفاق بين الطرفين المتنازعين يلجأون فيه الى منظمة أو دولة معينة يرتضون بها لتحكم بينهم فى هذا النزاع ويلتزمون بما تقرره هذه المنظمة أو الدولة.إذا لم تفلح الوساطة في التوصل إلى تسوية فإن التحكيم  هو الطريق الآخر الممكن إعتماده لحل النزاع, ويتلخص التحكيم برفع النزاع إلى شخص ثالث, أو هيئة تحكيمية محايدة معتمدة, مهمتها النظر في النزاع والتوصل إلى حله بقرار المحكم أو هيئة التحكيم,وهو الطريق الأسلم لتجنب اللجوء إلى المحكمة وبمقتضى اتفاق التحكيم يخول الفرقاء المختصمون, سلطة الفصل في النزاع القائم بينهم إلى شخص ثالث هو المحكم, الذي له صلاحية إصدار القرار نهائياً أو قابلاً للإستئناف, حسب نوع التحكيم  نيابة عن أطراف التحكيم.



المحكمة. (ADJUDICATION) عند فشل جميع هذه الجهود فلا بد للجوء للمحكمة وهو آخر الخيارات المتاحة لحل النزاع. إذا لم يتم حسم النزاع بواسطة الوساطة أو التحكيم فإن اللجوء إلي المحكمة سيكون هو الخيار الأخير , وقرار المحكمة الذي يصدر في النزاع هو القرار النهائي الملزم لطرفي النزاع لإتخاذه, هذا القرار الذي كان بإمكان الطرفين تجنبه عن طريق الوساطة السلمية أو لجنة التحكيم التى إتفق الطرفان على القبول بنتائجها . أما أركان التحكيم فهي تستوجب أمور ثلاثة وهي:
1.          إيجاب من المتخاصمين في تولية الخلاف بينهم الى محكمين يحكمون بينهم.
2.          قبول من المحكمين بذلك.
3.          المحل المعقود فيه التحكيم.


قد يأخذ التدخل لفض المنازعات أحد الأشكال التالية:
التدخل الشخصي. وقد يتم من قبل شخصية وطنية ذات ثقل سياسي أو إجتماعي أو إقتصادي داخل الدولة وفي الغالب قد يتخذ مثل هذا التدخل طابعاً سلمياً , كما أن التدخل الشخصي قد يحدث في شكل مبادرة أو تحرك لقيادة أجنبية , أو قد يكون التدخل الشخصي تحت تأثير مجموعة ضغط معينة أو لتحقيق مصلحة لدولة من الدول , وربما لا يكون التدخل إلا بغرض تحقيق المصالحة وفض النزاع .
التدخل المحلى. شبيه بالتدخل الشخصي غير أن المتدخلين قد يكونون جماعة أو قبيلة أو مجموعة ضغط معينة . تتوافر للتدخل المحلى عناصر معينة كالتي تجعل المتدخلين يتمتعون بوضع سياسي أو إقتصادي أو  إجتماعي يمكنهم من التأثير بشكل إيجابي لفض النزاع, أو قد يكون التأثير سلبياً بعدم توافر العناصر المذكورة , كما أن التدخل بهذا الشكل قد يكون سلمياً أو بإستخدام آليات الضغط المختلفة بما فيها آلية القوة .
جـ.     التدخل القومي.  وهذا التدخل لا يتم إلا عندما يكون هناك إجماع ,أو عند وجود قيادة دولية تتوافر لديها عوامل سياسية تمكنها من تحقيق مصالحة أو وضع حد للنزاع , وقد يكون التدخل لفض النزاع بصورة سلمية أو تتخذ هذه الصورة شكلا من أشكال القوة والإلزام.



 د.   التدخل الإقليمي.  ومثل هذا التدخل تكون طرفاً فيه منظمة إقليمية, حيث تقوم المنظمة الإقليمية بأدوار مختلفة لحل كثير من المعضلات, كالدور الذى تقوم به جامعة الدول العربية لحل المشكلة الفلسطينية. والدور الذى يقوم به الإتحاد الأفريقي حالياً لمعالجة الأزمة في دارفور.


هـ.   التدخل العالمي.ويشمل الدبلوماسية الحكومية المتبادلة وتحرك الأمم المتحدة للتوفيق بين الأطراف المتنازعة وكذلك الإجتماعية والجمعيات النسائية والمنظمات الطوعية . وقد يكون التدخل لفض النزاع سلمياً وقد تتضافر الجهود العالمية لفضه بإستخدام القوة أو قد تستخدم القوة لفض نزاع لمصلحة دولية معينة ويظهر هذا الشكل الأخير في حرب الخليج وما قام به التحالف العالمي تجاه العراق تجاه إحتلاله لدولة الكويت . وتدخل الأمم المتحدة في الصومال لتحقيق السلام من خلال قوات أمريكية لم تصب أهدافها.


يتطلب منع حدوث النزاع بناء علاقات إجتماعية متينة بين الجماعات العرقية والدينية والثقافية وتعميق مفاهيمها، لقطع الطريق أمام أي محاولة لإعادة إستخدام الفروق العرقية والدينية والثقافية في إشعال نزاع داخلي, لأن النزاع لا يحدث إلا بعد تنامي الشعور بالكراهية وزيادة الرغبة فى إستخدام العنف نتيجة لوجود تهديد للمصالح من حزب أو جماعة أخرى. يقوم الإنسان الذي يكون قد حرم من بعض حاجاته الضرورية كالماء والغذاء والأمن ,فيسعي لتأمين نفسه وحمايتها وكسب عيشه بشتي الطرق, فتؤدى حركته تلك لزيادة النزاعات. وقد قيل فى الأثر أن سيدنا على بن أبي طالب كرم الله وجهه قال ( عجبتُ لرجُلِ لا يجد قٌوت يومِه ولا يَخرُجُ شَاهراً سيفْه ),وهى دعوة للسعي فى طلب الرزق.

تلعب وسائل الإعلام دوراً رئيسياً في تعقيد النزاعات فتظهر للرأى العام العالمى أن النزاع الذي يجرى هو نزاع عرقي , كما حدث فى دارفور عندما أعلنت وسائل الإعلام الغربية أنما يجرى في دارفور هو صراع بين مجموعات عربية وأخرى أفريقية , لم تكلف هذه الوسائل الإعلامية عناء تحليل وبحث مكونات النزاع وأبعاده , ومعرفة الأسباب الجذرية التي أدت لحدوث هذا النزاع. قد تعلم هذه الوكالات الاعلامية الأسباب الحقيقية للنزاع لكنها تتجاهل ذلك رغبة منها فى تحقيق مصالح تخدم دول ومنظمات أخرى.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق