منذ بدء الخليقة بدأ الصراع بين الإنسان في تعامله مع الطبيعة ثم أنتقل هذا الصراع لاحقاً بين الإنسان وأخيه الإنسان وأصبح الصراع منذ ذلك الحين سمة المجتمعات البشرية وأصبحت القوة احد عوامل تكوين هذه المجتمعات.
عندما غزا الأتراك العثمانيون السودان في العام 1821م ، وتغلغلت قوات محمد على باشا والى مصر داخل الممالك السودانية بسهولة , عكست بوضوح التباين العميق بين القوة التقليدية والقوة حديثة التنظيم والتسليح . رأي محمد علي باشا في السودان مستودعاً مادياً يحقق طموحاته الكبيرة وينهل منه لتمويل فتوحاته وملء صفوف جيشه بالرجال الشجعان فأقام المعسكرات للتدريب ودفع بهؤلاء الجنود الى أماكن متفرقة من العالم لتوسيع دائرة الحكم العثمانى. شاركت بعض من هذه القوات مع الفرنسيين فى حربها ضد المكسيك, كما شاركت قوات كبيرة فى معركة التل الكبير ضد الغزو البريطانى فى مصر سنة 1882م . كما شارك قوات سودانية فى حرب القرم بين تركيا وروسيا فى الفترة من (1854- 1856م) , كما صدت هجوم الإيطاليين فى كسلا والقلابات.
مع بداية الثورة المهدية بدأ تكوين قوات الجيش من الوطنيين , وقد استفاد المهدى من القوات التى تدربت سابقاً (جيوش الجلابة) الذين انضموا إليه , كما استفاد من الأسلحة التى حصل عليها من دحر حكم الخديوية فى السودان وتقوية أركان حكمه . بإنتصار الثورة المهدية دخلت البلاد في حقبة وطنية يجوز أن نسميها الإستقلال الأول. وبعد وفاة الإمام المهدي قام الخليفة عبد الله التعايشي بتنظيم الجيش في مناطق عسكرية ومن ثم توزيع القوات إلي عدة تنظيمات وكانت أم درمان هي مقر القيادة العسكرية . ولكن جيش المهدية ظل تقليدي التسليح ولم يستطع الحصول علي أي معدات وأسلحة وذخائر خلافاً عن تلك التي غنمها من الحاميات المصرية التي إجتاحها , كما أن مصر وبريطانيا أحكمتا حصارهما علي البلاد فلم يكن هناك سبيل للإتصال بالعالم الخارجي . وفي النهاية أسدل الستار علي أول دولة وطنية مستقلة في إفريقيا بهزيمة جيوشها في لقاء غير متكافئ في الثاني من سبتمبر 1898م علي سهل كرري بأمد رمان بين جيشين أحدهما تقليدي الإعداد والتسليح والآخر حديث الإعداد يتسلح بأحدث ما أنتجته الثورة الصناعية من رشاشات وبنادق حديثة ومدفعية سريعة الطلقات. أسدل الستار على الثورة المهدية واحتلت القوات الأجنبية الغازية (بريطانيا ومصر) السودان مرة أخرى فيما عرف بفترة الحكم الثنائى.
تم الاتفاق بين الحكومة المصرية والبريطانية علي إدارة السودان حسب اتفاقية ( الحكم الثنائي ) التي تنص علي تفويض السلطة العسكرية والمدنية في السودان بيد شخص ترشحه الحكومة الانجليزية وتعينه الحكومة المصرية ويلقب بحاكم عام السودان وقد شغل هذا المنصب الجنرال اللورد كتشنر من 19 يناير1899 والجنرال السير فرانس ونجت والميجر جنرال السيرلي استاك . تم تنظيم الجيش في السودان تحت ظل إدارة العناصر الثلاثة انجليزية ومصرية وسودانية وكان علي رأسها سردار الجيش ( كاتم اسرار الحربية ) ومقرها سراي الحاكم العام وكان مكتب رئاسة الجيش العام بالخرطوم وهو مسئول عن إدارة وتدريب الجيش .وعلي اثر وجود الحكم الانجليزي بمصر قامت حركات وانتفاضات ثورية ضد المستعمر أبرزها جمعية اللواء الأبيض.
المصدر : المكتبة الإلكترونية وزارة الدفاع
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق