الثلاثاء

قوات حفظ السلام الدولية


قوات حفظ السلام الدولية، هي قوات يتم تشكيلها عند الحاجة، لتأدية مهام تحدد لها بين القوات المتصارعة في منطقة من مناطق الصراع في العالم، وتعمل بموافقة طرفي النزاع للفصل بين القوات ومراقبة وقف إطلاق النار، وقد إستخدمت هذه القوات في مناطق عديدة في أنحاء العالم، حيث تم إستخدامها في منطقة الشرق الأوسط منذ بداية الصراع العربي الإسرائيلي عام 1948م.


إن المسئولية الأساسية الأولية في حفظ السلم والأمن الدوليين هي مسئولية مجلس الأمن. إن إلتزام الأمم المتحدة بالمحافظة على السلم والأمن الدولي لا يلزمها بالتدخل إلا فى المنازعات ذات الطابع الدولي دون الداخلي بإعتبار أن المنازعات الأخيرة تدخل فى صلب إختصاص الدولة,إلا إذا إمتد نطاق هذا النزاع وبلغ درجة أصبح معها يهدد السلم والأمن الدولي, ومثل هذا الوضع قد ينشأ من طبيعة النزاع ذاته أو بسبب التدخل الأجنبي.


 
ليس للأمم المتحدة قوة ثابتة لجميع المواقف والأزمات, بل يتم ترتيب كل عملية حفظ سلام على حدة, وذلك بتوفير الإحتياجات التي يتطلبها الوضع المعين.تشكل هذه القوات من وحدات وتشكيلات من عدد من الدول التى توافق على الإشتراك فيها، وقد تشترك معهم قوات من الشرطة المدنية. يختلف حجم قوات حفظ السلام حسب حجم الصراع الدائر وتأثيره، فكلما كانت المهمة التى ستقوم بها صعبة ومعقدة,كلما زاد حجمها وعدد أفرادها،كما هو الحال فى دارفور, حتى تستطيع أن تؤدي مهامها بنجاح. وفي كل مرة يحتاج فيها مجلس الأمن لإنشاء قوة حفظ سلام جديدة ،تقوم بإرسال بعثات لتحديد الإحتياجات التي تحتاجها القوة مع ما يتلائم مع المهمة لهذه العملية . يحدد مجلس الأمن في قراره صلاحية إنتشار القوات ومهمتها . يتطلب القرار موافقة تسعة أعضاء من مجلس الأمن بما فيهم الخمسة الدائمين لتجنب الفيتو . يعد الأمين العام توصية لمجلس الأمن يحدد كيفية تكوين العملية . وتكون شعبة عمليات حفظ السلام مسئولة عن توفير الوضع السياسي والتنفيذي للعملية في مسرح العملية .
تقوم الدول المتبرعة بتوفير القوة العسكرية وأفراد الشرطة والمراقبين العسكريين والأفراد المدنيين الذين تحتاجهم العملية,إضافة للدعم اللوجستي والفني من معدات وإتصالات ومواصلات تقوم بتوفيرها الدول المتبرعة أو متعاقدين خاصين . في حالة قيام الدول بتوفير الإحتياجات والإمداد والمعدات وغيرها فإن الأمم المتحدة تقوم بتعويض الدولة عن طريق إتفاقية توقع معها . يظل الأفراد المكونين للبعثة من العسكريين والمدنيين يحملون جنسيات دولهم ولكنهم يتمتعون بالشخصية الدولية لتنفيذ مهمتهم . يتوقف الزمن اللازم لتجهيز القـــــــــوة على سرعة إستجابة الدول المتبرعة بالقوات, والدعم المالى المتيسر، لذلك يختلف الزمن من عملية إلى أخرى.وقد قال الأمين العام السابق للأمم المتحدة داج همرشولد, "Peace keeping is not a job for soldiers, but only soldiers can do it".


يعمل مجلس الأمن الدولي لحفظ السلم والأمن الدوليين من خلال تفويضه المخول له تحت المادة 24 (1) من ميثاق منظمة الأمم المتحدة. ويلاحظ أن ميثاق الأمم المتحدة لم يذكر بعثات حفظ السلام الدولية. ولذلك يعتبرها البعض أنها تقع بين الفصل السادس من ميثاق الأمم المتحدة المتعلق بجهود الوساطة من أجل حل النزاعات حلاً سلمياً,أنظر الملحق (أ), وبين الفصل السابع من ذات الميثاق المختص بالإجراءات القسرية بما في ذلك إستخدام القوة العسكرية والمقاطعة الإقتصادية والدبلوماسية وغيرها,أنظر الملحق (ب).لقد ظهر هذا المفهوم أثناء فترة الحرب الباردة حيث فشل مجلس الأمن في إصدار أي قرار بموجب الفصل السابع لحل النزاعات أو حفظ السلم والأمن الدوليين ، فقرر إنشاء قوات حفظ السلام وكانت مهامها لا تتعدى أعمال المراقبة وبأفراد غير مسلحين أو مسلحين بأسلحة خفيفة. هنالك ثلاثة مبادئ تحكم عمليات حفظ السلام هي:

التكليف وحدود الولايات(The Mandate).يشترط أن تكون المهمة واضحة وممكنة التحقيق,تحدد لها قيادة فعالة فى المقر مع ضمان الدعم السياسي والمالي اللازمين من الدول المشاركة,والحصول على مستوي مناسب من التعاون بين الأطراف الموقعة علي إتفاقية السلام.
الموافقة (The Consent).تعني موافقة البلد المستهدف بعملية حفظ السلام وربما الأطراف الأخرى.
الحياد (The Impartiality).هو مبدأ أساس بإعتبار أن قوات حفظ السلام إنما تعكس إرادة المجتمع الدولي بموضوعية دون إنحياز لأي طرف من الأطراف.والحياد هو السلاح الأهم من قيادة العمليات لحفظ السلام على المستوي الميداني لضمان قناعة وإقتناع الأطراف الموافقة على السلام,ويتفرع من المبادئ أعلاه مبدأ إحترام سيادة البلد المضيف,والنشر متعدد الجنسيات, أي أن تعمل القوات تحت لواء الأمم المتحدة,وعدم إستخدام القوة وتوفر الإرادة لدي الدول الأعضاء.

في حالات النزاعات الداخلية أو الحروب الأهلية التى يكون من الصعوبة بمكان من الناحية العملية الحصول على موافقة جميع الأطراف المتنازعة, فغالباً ما يعتبر مجلس الأمن الدولي أن هذا النزاع يهدد السلم والأمن في المنطقة, ومن ثم يمكن للمجلس في هذه الحالة أن يقرر إرسال ونشر قوات دولية, بما فيها إتخاذ إجراءات أشد، وقد تشمل عمليات فرض سلام. هنالك بعض الشروط التى يجب إتباعها عند إستخدام القوة لفرض السلام, وهي:
1. إستخدام أقل قوة ممكنة.
2. الحدود القانونية تفويض رسمي من المنظمة الدولية.
3. الإنذار بإستخدام الطلقات التحذيرية والدخان وذخائر الفشنك.

عيوب عمليات حفظ السلام:

 
رغما الدور الكبير الذي تقوم به قوات حفظ السلام فى تحقيق الإستقرار والأمن فى مناطق النزاعات , إلا أنها أظهرت عيوباً كثيرة فى مناطق أخرى وهى(1):
1. لا يوجد تدريب مسبق لتلك العمليات ولا يقوم الأمين العام للأمم المتحدة بمقام القائد العام لهذه القوات وإنما هو مجرد مدير إدارى.
2. لا يمكن ضمان تموين القوات بإستمرار.
3. يتم التجديد لفترات عملها بواسطة مجلس الأمن .
4. إن عمليات حفظ السلام هي عمليات تخدير لا عمليات جراحية كاملة تستأصل المشكلة,وهى أحيانا تدول المشكلة ولا تحلها وتؤخر الوصول إلى تسويات جذرية للمشكلة.
5. عدم قدرة الأمم المتحدة على إرغام قوتين متصارعتين عسكرياً على العودة إلى مائدة المفاوضات ,كما حدث فى الصومال ويوغسلافيا السابقة.


كانت أكبر العمليات التى فشلت الأمم المتحدة فى تحقيق السلام فيها وأخذت تحسب ضمن المواقف السالبة للأمم المتحدة ,هما عملية الإبادة الجماعية التي حدثت فى رواندا عام 1994م , والمجزرة الجماعية التى حدثت في سريبرينيتشا فى البوسنة والهرسك عام 1995م ,حيث لم تتدخل الأمم المتحدة إلا بعد فوات الأوان.وقد حاول الإعلام العالمي إلصاق تهمة الإبادة الجماعية للصراع فى دارفور, إلا أنها فشلت فى إثبات ذلك , رغم أن عدد من المسئولين الغربيين ومنهم الأمين العام للأمم المتحدة السابق كان قد ذكر بأن ما يجرى فى دارفور هو أكبر مأساة إنسانية يشهدها العالم .


لقد تخلت الأمم المتحدة عن مبادئها التى صاغتها عند مولدها عام 1945م. تضاربت المصالح والأهداف أثناء الحرب الباردة بين القطبين الرئيسين الولايات المتحدة والإتحاد السوفيتي,وصارت كل دولة تسعى لإستقطاب الدول الأخرى, فنشأ المعسكر الرأسمالي بقيادة أمريكا والمعسكر الإشتراكي بقيادة روسيا . بعد إنتهاء الحرب الباردة أصبحت الأمم المتحدة مطية تستخدمها الدول الكبرى لتتجاوز بها القوانين والأعراف الشرعية والدولية . لقد كانت معظم تجارب الأمم المتحدة فى حفظ السلام فاشلة ,ففي أحداث الكنغو عام 1960م إنتهت العملية بمقتل الأمين العام للأمم المتحدة داج همرشولد فى حادث طائرة غامض, كما قتل رئيس الوزراء الكنغولي باتريس لوممبا الذى كان قد طلب من الأمم المتحدة التدخل لحل النزاع فى بلاده(1). وفى الصومال والعراق خاضت الأمم المتحدة أيضا تجارب فاشلة, وتتكرر التجربة فى السودان هذه المرة ولن تكون النتيجة بأفضل من سابقاتها , كما رأينا وكما سنرى ذلك لاحقاً.

هناك تعليق واحد:

  1. موضوع مميز وجميل اخي الكريم ...ولكن اتنمى ان توضح لي ان كان لديك خلفيه عن دور القوات المسلحه في عمليات حفظ السلام واعني بدورها اي واجباتها والمهام المطلوبه منها تحديدا..وشكرا

    ردحذف