إن النزاعات والحروب هي ظاهرة إجتماعية تحدث بين البشر منذ نشأة الخليقة. تحدث الحروب كلما تعارضت المصالح وإختلفت الأهداف وتباينت الرؤى. تتفاوت حدة الصراعات والنزاعات المسلحة من مكان إلي آخر ومن زمان إلي زمان,وتأتي الحروب بالدمار والخراب على الشعوب والمجتمعات التى تقع فيها وتؤدى إلي تدمير الحياة وتشريد المواطنين .تتطلب الحروب نفقات باهظة .............
كان يمكن إستخدامها لأغراض تنموية لصالح البشرية وتوفير سبل الحياة الكريمة له.فكل الخيرات الموجودة فى باطن الأرض وظاهرها خلقها الله سبحانه وتعالى من أجل الإنسان,قال تعالى {هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُم مَّا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاء فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ }
يحدث النزاع نتيجة قيام طرفين أو أكثر بأعمال متعارضة فيما بينها. وقد ينشأ النزاع بين الدول أو بين مجموعات مختلفة عرقية,سياسية أو دينية. ولا يحدث النزاع إلا بعد تنامي الشعور بتهديد المصالح من حزب أو جماعة أخرى. ويرى آخرون أن النزاع درجة أعلى من الخلاف حيث فى الغالب يتطور إلي موقف والموقف إلي نزاع . إن عملية إحتواء النزاعات والسيطرة عليها والعمل على منع تطورها يعتمد بشكل رئيس على مدى إدراك العوامل والأسباب والظروف التى دعت لحدوثها.لدراسة مفهوم النزاعات ينبغي معرفة بعض المصطلحات المستخدمة فى النزاعات وهي:
1. إدارة النزاع . Conflict Management عند إستمرار النزاعات لفترات طويلة وبصورة متشابكة ومعقدة,تسعى الجهات المكلفة بمعالجة الأزمة الي محاولة السيطرة عليه, حيث تركز الجهود علي إدارته ومنع إنتشاره لحين إيجاد الحلول المناسبة له.
2. فض النزاع. Conflict Resolution وهي الوسائل والإجراءات التي تستخدم لوقف النزاع بين الطرفين المتحاربين.قد يتم فض النزاع بوسائل سياسية أو دبلوماسية, وقد تقوم به منظمة دولية أو إقليمية , وقد تستخدم الوسائل السلمية ,كما يمكن أن يفرض الحل بالقوة.
3. تحوّل النزاع. Transformation Conflict محاولة تغيير وجهة النزاع الى سلام.
هنالك كثير من العوامل التي تساهم بطرق مختلفة في حدوث النزاعات والصراعات المسلحة, فالفساد، والإستغلال، والتنمية التي تتم بشكل غير عادل، والتمييز، والإضطهاد والظلم السياسي، كلها عوامل يمكن أن تؤدي الى وجود حالة من عدم الرضا، والى دعم حركات المعارضة المسلحة, إذ أن الفقر والنزوح يجعل الشباب عرضة للتجنيد من قبل المجموعات المسلحة التي توفر وعوداً وفرصاً لكسب العيش. كما إن إنتشار الأسلحة يؤدي الى زيادة حالات العنف والجريمة المنظمة التي تستخدم فيها مختلف أنواع الأسلحة.
تختلف الوسائل المستخدمة في فض المنازعات بين الدول وبين المجتمعات المختلفة,وتتدرج هذه الوسائل من إستخدام للوسائل السلمية عن طريق المحادثات المباشرة بين أطراف النزاع أو عقد إتفاقيات المصالحة , وقد تتم هذه الإتفاقيات دون وساطة أو تدخل أجنبي كما حدث فى إتفاقيتى الخرطوم وفشودة للسلام عام 1997م,أو عن طريق الوساطة الدولية او الإقليمية كما حدث فى إتفاقيتى نيفاشا وأبوجا,أو عن طريق وساطة دولة جارة كما حدث فى إتفاقية الشرق عندما توسطت إريتريا لحل النزاع فى شرق السودان. وقد يتدخل المجتمع الدولي عن طريق المنظمة الدولية فى حال وجود تهديد للأمن والسلم الدوليين .
كفلت الشريعة الإسلامية حقوق الإنسان أثناء الحروب و إقامة النزاعات المسلحة منذ نحو أكثر من 1400 سنة. فالمبدأ في الإسلام هو إحلال السلام, أما الحرب فلا تقوم إلا للضرورة. إن الهدف الذي يُنشده الإسلام من الحرب هو حماية حقوق الإنسان مهما كان إنتماؤه أو عقيدته. فعندما ينتهج العدو منطق القوَة و يستبد بطغيانه و لا يراعي تطبيق أي قانون, عندها يوصي الإسلام بقتال هذا العدو وإعلان الحرب عليه, على أن يتوقف القتال حال استسلامه أو الكف عن عدوانه.قال تعالى {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلّهِ فَإِنِ انتَهَواْ فَلاَ عُدْوَانَ إِلاَّ عَلَى الظَّالِمِينَ}.تفرض الشريعة الإسلامية على إقامة الحرب شرط أخلاقي أساسيَ ألا و هو مراعاة القواعد الإنسانية لهذه الحروب و النزاعات.
تعتبر الحرب الأهلية في جنوب السودان هى أطول حروب القارة الأفريقية وأكثرها تأثيراً من النواحي السياسية والإقتصادية والإجتماعية وغيره, ليس فى السودان فحسب, بل إمتد أثرها ليشمل دول الجوار,خاصة دول القرن الأفريقي ودول البحيرات العظمي .حاولت عدد من الحكومات والأنظمة التى تعاقبت على حكم السودان من إيجاد حل لهذا النزاع لكنها لم توفق لعدة أسباب سيأتي ذكرها لاحقاً . فى أخريات القرن الماضي نشأت منظمة الإيقاد كمنظمة أفريقية تعني بمعالجة مشكلة الجفاف والمجاعة التى إجتاحت شرق القارة الأفريقية عام 1988م ,أسند لهذه المنظمة مهام أخري لفض النزاعات فى الصومال والسودان . بعد جهود مضنية وبمشاركة عدد من المنظمات الإقليمية والدولية تمكنت هذه المنظمة من جمع طرفي النزاع فى جنوب السودان في مفاوضات إمتدت لأكثر من عامين فى عدد من المدن الكينية,توجت بإتفاق أنهت هذه الحرب الطويلة.
تتدخل الأمم المتحدة فى حل النزاعات متى ما طلب منها ذلك,أو فى حال وجود تهديد للأمن والسلم الدوليين كما جاء بميثاقها. بعد نهاية الحرب الباردة ظهرت أميركا قطباً أحادياً مسيطراً على العالم ,وظهر التنافس الإقتصادي بين الدول الصناعية الكبرى ولتحقيق ذلك التنافس كان لا بد من السيطرة على الموارد الرئيسية للبناء الإقتصادي من مواد بترولية ومعدنية إضافة لمواد الطاقة النووية من يورانيوم وغيره, والتي تتوفر بكميات كبيرة فى أفريقيا ,فإتجهت أنظار هذه الدول تجاه القارة السوداء ، كانت عمليات حفظ السلام أحدى العمليات النبيلة التي تحاول الولايات المتحدة تغييرها وتحويلها عن أهدافها النبيلة إلى خدمة مصالحها.
مراحل النزاع
حتى يتشكل النزاع ويأخذ صورته العدوانية فانه يمر بعدة أطوار ومراحل نجملها فى الآتي:
مرحلة التشكل. وتظهر هذه المرحلة عندما يكون هنالك إنقسام حول الحقوق أو مستقبل القطر أو تبرز مجموعة تعتبر نفسها هي صاحبة الحق .
مرحلة التصعيد. تبدأ هذه المرحلة عندما تصل أطراف النزاع إلي مرحلة فى التعبير الصريح العدواني عن طريق التهديدات بوسائل الإعلام . وتتميز هذه المرحلة بتزايد الإستقطاب والندية ودخول الأطراف فى دوامة العنف .
مرحلة التفاقم. تتحرك فيها أطراف النزاع لتصل مرحلة المواجهة بين مجتمعاتها والإستمرار فى النزاع المسلح ,ويكون الإتصال الوحيد مع الطرف الآخر هو الهجوم العسكري أو الدفاع . ويعبر عن هذه المرحلة بأنها حرب الإستنزاف .
مرحلة التحسن. وفيها تظهر الدوافع المتداخلة كالسأم من الحرب والرغبة فى إيقاف الدمار ووضع حد للحرب.
مرحلة التحول. وهى مرحلة يتم فيها السماح للنزاع بالتعبير عن نفسه بصورة سلمية وهى هدف أساسي على المدى الطويل للمساعدة فى إقرار السلام والإستقرار. وحتى يتم التحول بصورة تامة تحتاج هذه التغييرات إلي سيطرة ومراقبة للنظام القومي والدولي المؤسس على العناصر التالية:
1. حقوق الإنسان المدنية والسياسية ودعم القانون والقضاء المستقل.
2. الإنتخابات السياسية والتغييرات الدستورية .
3. التغييرات الإجتماعية والإقتصادية .
4. خضوع المؤسسة العسكرية للسلطة السياسية الدستورية .
مرحلة الصلح وإعادة التعمير. وتشمل هذه المرحلة ما يلي:
1. الاعتراف وتحمل المسؤولية ( مسؤولية النزاع فى المجتمع ).
2. التعويضات التى يتم فيها إصلاح الأخطاء .
3. محاكمة المذنبين .
4. الترحم على الضحايا.
5. إعادة التعمير السياسي والإقتصادي .
6. إجراء متغيرات تعالج المشكلة .
7. إعادة تعمير العلاقات
لقد ظهر مفهوم الإرهاب كأحد أنواع النزاعات فى العالم , وإزدادت أحداثه وتعددت أبعاده بعد تفجيرات الحادي عشر من سبتمبر 2001م ,حيث قامت الولايات المتحدة وبعض حليفاتها من الدول بشن حرب خارج المنظومة الدولية بدعوي مكافحة الإرهاب,فأسقطت نظامي الحكم فى أفغانستان والعراق, وتتوعد دول أخرى كإيران وسوريا.يعرف الإرهاب على أنه نزاع يقع بين الدولة ومجموعة عقدية أو طائفة أو أفراد يهددون أمنها القومي وإقتصادها داخلياً وخارجياً,ويعتبره البعض نزاع بين طرفين لكل منهما قضية, ويعتبر هذا الرأي خاطئاً لدي البعض الآخر,الذي يعرف الإرهاب بأنه عمل إجرامي وضد الإنسانية.هنالك شبه إجماع علي أن مكافحة الإرهاب تعني الحرب علي الإسلام,حتى اليوم لا يوجد مفهوم واضح ومحدد للإرهاب.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق