الخميس

وسائل وآليات تحقيق الأمن والسلام فى الإسلام

إن تحقيق السلام والأمن يتطلبان التحرر من عنصرين أساسيين هما الجوع والخوف. للتغلب على الجوع لا بد من محاربة الفقر وتحسين الإقتصاد والمستوى المعيشى للفرد,وللتغلب على الخوف لا بد من تحقيق الأمن والسلام والإستقرار.لذا فإن أمن وسلامة البشرية مرتبط بالتنمية العادلة والمستدامة. وقد ربط الله سبحانه بين الجوع والخوف ,قال تعالى {الَّذِي أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ }.

وفى آية أخرى ضرب الله مثلاً بأهل القرية التى كانت آمنة, يرزقها الله من خيره فكفرت بنعمه,فحرمها الله من الأمن ونقص رزقها, قال تعالى {وَضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُّطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَداً مِّن كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللّهِ فَأَذَاقَهَا اللّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ }.وهنالك عوامل تساعد علي تحقيق السلام والأمن أهمها:
إلقاء التحية ورد التحية. فالسلام ورّد السلام من الأمور التى تبعث علي الطمأنينة وتنزع الخوف والغل من الصدور,فينبغي علي المسلم أن يرد السلام بكل ود وترحاب، قال تعالي {وَإذا حُيِّيْتُم بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّواْ بِأَحْسَنَ مِنْهَا أو رُدُّوهَا إِنَّ اللّهَ كَانَ علي كُلِّ شَيْءٍ حَسِيباً }. عَنْ أَبِي أَيّوبَ الأنصاري أَنّ رَسُولَ اللّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ. "لاَ يَحِلّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلاَثِ لَيَالٍ. يَلْتَقِيَانِ فَيُعْرِضُ هَذَا وَيُعْرِضُ هَذَا.وَخَيْرُهُمَا الّذِي يَبْدَأُ بِالسّلاَمِ".
الإصلاح بين الناس وحسن الخلق قال تعالي{لاَّ خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاَحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتَغَاء مَرْضَاتِ اللّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً }. وقد بين الرسول صلى الله عليه وسلم أهمية الإصلاح بين الناس وحسن الخلق . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إتق الله حيثما كنت واتبع السيئة الحسنة تمحها وخالق الناس بخلق حسن.
بر الوالدين والإحسان إليهم .قال تعالي{وَقَضَى رَبُّكَ إلا تَعْبُدُوا إلا ايَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ احْسَانا امَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أحدهُمَا أو كِلاهُمَا فَلا تَقُل لَّهُمَا افٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلا كَرِيما}.(عن بن مسعود رضي الله عنه قال. سألت النبي صلى الله عليه وسلم أي الأعمال أحب إلي الله تعالي؟ قال. الصلاة في وقتها قلت. ثم أي؟ قال. بر الوالدين قلت. ثم أي؟ قال. الجهاد في سبيل الله.). لقد عظم الله سبحانه وتعالي الوالدين ودعا إلي وجوب طاعتهما والإحسان إليهما وبين أن رضي الله في رضاء الوالدين. 
صلة الرحم وحسن الجوار . لقد دعي الإسلام إلي صلة الرحم وكان الرسول صلى الله عليه وسلم يحذر من قطع الرحم ويبين أن الجنة لن يدخلها قاطع رحم,قال تعالي{وَاعْبُدُوا اللّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئا وَبِالْوَالِدَيْنِ احْسَانا وَبِذِي الْقُرْبَى واليتامى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالجَنبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ ايْمَانُكُمْ انَّ اللّهَ لا يُحِبُّ مَن كَانَ مُخْتَإلا فَخُورا }. ومن الصفات الذميمة التي حذر منها الرسول صلى الله عليه وسلم إيذاء الجار، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "لا يدخل الجنة من لا يأمن جاره بوائقه. وقال صلى الله عليه وسلم (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يؤذ جاره،ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت).
النهى عن التعصب القبلي والعرقي . نهى الإسلام عن العصبية القبلية قال {يَا ايُّهَا النَّاسُ انَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَانثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا انَّ اكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ اتْقَاكُمْ انَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ }. فقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم ينهى عن التحدث عن الأعراق والجنس ويقول دعوها فإنها نتنة.
الدعوة للإسلام بالحكمة والموعظة الحسنة .قال تعالي {ادْعُ إلي سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ }.
العدل والتكافل الإجتماعي قال تعالي{وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إلا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ}(2).
احترام حقوق غير المسلمين وحسن معاملتهم والإحسان إليهم. قال تعالي {لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ }.وقد بين الإسلام حقوق غير المسلمين ودعا إلي ضمانها ومن هذه الحقوق ما يلي:
1.               حرية المعتقد وحرية العبادة, وقد بين الإسلام أن الناس أحرار فيما يعتقدون وان الإسلام لا يكره أحد علي اعتناقه .قال تعالي {لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىَ لاَ انفِصَامَ لَهَا وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ}. لو شاء الله سبحانه وتعالى لجعل الناس كلهم مؤمنين فهو القادر على كل شئ, قال تعالي {وَلَوْ شَاء رَبُّكَ لآمَنَ مَن فِي الأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعاً أَفَأَنتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُواْ مُؤْمِنِينَ }.للإنسان الحرية فى إتباع المعتقد الذى يؤمن به,قال تعالى {وَقُلِ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ فَمَن شَاء فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاء فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَاراً أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَإِن يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاء كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءتْ مُرْتَفَقاً }.
2.               الدعوة والحوار بالحسنى.قال تعالي{ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ }.
3.               العدل في معاملتهم والإحسان إليهم ورفع الظلم عنهم, قال تعالي  {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ لِلّهِ شُهَدَاء بِالْقِسْطِ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ علي إلا تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ }.
4.               تحريم قتل النفس الإنسانية إلا بالحق.قال تعالي {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً }.
5.               الكرامة الإنسانية ووحدة الجنس البشري. .قال تعالي {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً }. وقال تعالى{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً }.
6.               العدل والمساواة بين الناس.قال تعالي{إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ }.


لقد أرسى الإسلام القواعد الإنسانية الفاضلة للتعاون والتحكيم بين البشر وحل النزاعات بالطرق السلمية التى تحفظ كرامة وحقوق كل طرف من الأطراف وجاء الإسلام ليضع التحكيم في أهم موقع في الحياة وهو العلاقة الزوجية حينما وضع التحكيم أساساً لحل المشكلات العائلية قال تعالي {وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُواْ حَكَماً مِّنْ أَهْلِهِ وَحَكَماً مِّنْ أَهْلِهَا إِن يُرِيدَا إِصْلاَحاً يُوَفِّقِ اللّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيماً خَبِيراً} .لقد وضع الأساس فى التعاون بين البشر كلهم لا فرق بين عرق وجنس ولون ,إنما يتساوون جميعاً فى الحقوق والواجبات. الإسلام شريعة السلام ودين المرحمة ما في ذلك شك , لا يخالف هذا إلا جاهل بأحكامه أو حاقد على حكمته وتفرده أو مكابر لا يقتنع بدليل ولا يسلم ببرهان , إسم الإسلام نفسه مشتق من صيغة السلام , والمؤمنون بهذا الدين لم يجدوا لأنفسهم إسماً أفضل من أن يكونوا المسلمين (مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيداً عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ).صدق الله العظيم

لقد كرم الإسلام الإنسان وأوضح أن قتل الإنسان الواحد يعادل قتل البشرية جمعاء وهذا يوضح مدى حرص الإسلام علي الإنسان في الحياة قال تعالي (مِنْ أجل ذَلِكَ كَتَبْنَا علي بَنِي إسرائيل انَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسا بِغَيْرِ نَفْسٍ أو فَسَادٍ فِي الأرض فَكَانَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعا). وحتى بعد موته فلا يجوز التمثيل بجثته ولو في الحرب, وكان النبي صلى الله عليه وسلم يقول لقادته فى الحروب "اغزوا ولا تغُلوا ولا تغدروا ولا تمثلوا". لنقارن بين ما جاء به الإسلام من سلام ومحبة, وبين ما جاء في إنجيل متى وعلي لسان سيدنا عيسى كما يقولون )لاَ تَظُنُّوا أَنِّي جِئْتُ لأُلْقِيَ سَلاَماً علي الأرض. مَا جِئْتُ لأُلْقِيَ سَلاَماً بَلْ سَيْفاً. فَإِنِّي جِئْتُ لِأُفَرِّقَ الإنسان ضِدَّ أَبِيهِ وَالإبْنَةَ ضِدَّ أُمِّهَا وَالْكَنَّةَ ضِدَّ حَمَاتِهَا. وَأَعْدَاءُ الإنسان أَهْلُ بَيْتِهِ(  الكتاب المقدس,العهد الجديد, إنجيل متى,الإصحاح العاشر,الآيات 34-36.

هناك تعليقان (2):

  1. شكررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررررر

    ردحذف